كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلِيَّةُ الْأَوَّلِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى تَسَاوِيهِمَا أَيْ وَاحْتَمَلَ أَفْضَلِيَّةَ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ (وَقَوْلُهُ: وَأَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي إلَخْ) عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَهُوَ الْأَرْفَعُ بِالْقَصْدِ الْمَذْكُورِ كُرْدِيٌّ.
وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّوَسُّعِ فِي الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ إلَّا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ كَإِكْرَامِ ضَيْفٍ وَالتَّوَسُّعِ عَلَى الْعِيَالِ وَإِيثَارِ شَهْوَتِهِمْ عَلَى شَهْوَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ كَقَرْضٍ لِحُرْمَتِهِ عَلَى فَقِيرٍ جَهِلَ الْمُقْرِضُ إلَّا إنْ كَانَ لَهُ جِهَةٌ ظَاهِرَةٌ يَتَيَسَّرُ الْوَفَاءُ مِنْهَا إذَا طُولِبَ وَوَرَدَ «امْشُوا حُفَاةً» وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشَى حَافِيًا» وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبُ الْحَفَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِقَصْدِ التَّوَاضُعِ حَيْثُ أَمِنَ مُؤْذِيًا وَتَنَجُّسًا وَلَوْ احْتِمَالًا، وَيُؤَيِّدُهُ نَدْبُهُ لِنَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ، وَيَحِلُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ نَحْوِ قَمِيصٍ وَقَبَاءٍ وَنَحْوِ جُبَّةٍ أَيْ غَيْرِ خَارِمَةٍ لِمُرُوءَتِهِ لِمَا يَأْتِي فِي الطَّيْلَسَانِ وَلَوْ غَيْرَ مَزْرُورَةٍ إنْ لَمْ تَبْدُ عَوْرَتُهُ لِلْإِتْبَاعِ. اهـ، وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مَتَى قَصَدَ بِلِبَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ نَحْوَ تَكَبُّرٍ كَانَ فَاسِقًا أَوْ تَشَبُّهًا.
بِنِسَاءٍ أَوْ عَكْسَهُ فِي لِبَاسٍ اخْتَصَّ بِهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ حَرُمَ بَلْ فَسَقَ لِلَّعْنَةِ فِي الْحَدِيثِ وَيَحْرُمُ عَلَى غَنِيٍّ لُبْسُ خَشِنٍ لِيُعْطَى لِمَا يَأْتِي أَنَّ كُلَّ مَنْ أُعْطِي شَيْئًا لِصِفَةٍ ظُنَّتْ فِيهِ وَخَلَا عَنْهَا بَاطِنًا حَرُمَ عَلَيْهِ قَبُولُهُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ، وَيَحْرُمُ نَحْوُ جُلُوسٍ عَلَى جِلْدِ سَبُعٍ كَنَمِرٍ وَفَهْدٍ بِهِ شَعْرٌ، وَإِنْ جُعِلَ إلَى الْأَرْضِ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمُتَكَبِّرِينَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَالتَّوَسُّعُ عَلَى الْعِيَالِ) كَذَا فِي أَصْلِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي نُسْخَةِ السَّيِّدِ عُمَرَ الْبَصْرِيِّ وَنُسَخٍ صَحِيحَةٍ أُخْرَى التَّوْسِيعُ مُصْطَفَى الْحَمَوِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِيثَارِ شَهْوَتِهِمْ إلَخْ) كَقَوْلِهِ وَالتَّوَسُّعُ عُطِفَ عَلَى إكْرَامِ ضَيْفٍ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ نَدْبَ الْحَفَاءِ.
(قَوْلُهُ: لِنَحْوِ دُخُولِ مَكَّةَ) أَيْ كَدُخُولِ الْمَدِينَةِ.
(قَوْلُهُ: بِهَذِهِ الشُّرُوطِ) وَهِيَ قَصْدُ التَّوَاضُعِ وَأَمْنُ الْمُؤْذِي وَأَمْنُ التَّنَجُّسِ.
(قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيَحِلُّ إلَخْ) وَلُبْسُ خَشِنٍ لِغَيْرِ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ خِلَافُ السُّنَّةِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ نِهَايَةٌ وَإِمْدَادٌ زَادَ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ أَكْلُ الْخَشِنِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ الْمُغْنِي كَرَاهَةَ لُبْسِ الْخَشِنِ.
(قَوْلُهُ انْتَهَى) أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ اخْتَصَّ بِهِ الْمُشَبَّهُ بِهِ) أَيْ أَوْ غَلَبَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا يَأْتِي) أَيْ فِي آخِرِ الْهِبَةِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ مَا فِي الْمَجْمُوعِ.
(قَوْلُهُ: نَحْوُ جُلُوسٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ بَافَضْلٍ وَيَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَغَيْرِهِ اسْتِعْمَالُ جِلْدِ الْفَهْدِ وَالنَّمِرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِهِ شَعْرٌ إلَخْ) وَفِي الْإِيعَابِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُزِيلَ وَبَرُهُ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُعِلَ إلَخْ) أَيْ شَعْرَهُ.
وَحَرَّمَ جَمْعٌ لُبْسَ فَرْوَةِ السِّنْجَابِ وَالصَّوَابُ حِلُّهَا كَجُوخٍ وَجُبْنٍ اُشْتُهِرَ عَمَلُهُمَا بِشَحْمِ خِنْزِيرٍ بَلْ لَا يُفِيدُ عِلْمُ ذَلِكَ إلَّا فِي فَرْوٍ مُعَيَّنٍ دُونَ مُطْلَقِ الْجِنْسِ، وَفَرْوُ الْوَشَقِ شَعْرُهُ نَجِسٌ، وَإِنْ دُبِغَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَالصَّوَابُ حِلُّهَا إلَخْ) وَيَحِلُّ أَيْضًا فَرْوُ الْقُنْدِ وَقَاقَمٍ وَحَوْصَلٍ وَسَمُّورٍ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: كَجُوخٍ وَجُبْنٍ إلَخْ) أَيْ وَسُكَّرٍ اُشْتُهِرَ عَمَلُهُ بِدَمِ الْخِنْزِيرِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ لَا يُفِيدُ إلَخْ) تَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي فَرْوٍ) كَذَا بِالْوَاوِ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بِالدَّالِ وَهِيَ أَفْيَدُ وَأَنْسَبُ.
(قَوْلُهُ: فِي فَرْدٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ عُلِمَ عَمَلُهُ بِذَلِكَ بِخُصُوصِهِ (وَقَوْلُهُ: دُونَ مُطْلَقِ الْجِنْسِ) أَيْ دُونَ أَمْثَالِ ذَلِكَ الْفَرْدِ الَّتِي لَمْ يُعْلَمْ عَمَلُهَا بِذَلِكَ فَلَا تَحْرُمُ، وَإِنْ اتَّحَدَ الصَّانِعُ وَالْمُصْنَعُ.
(قَوْلُهُ: شَعْرُهُ نَجِسٌ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرُ وَفَرْوُ الْوَشَقِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْوَشَقَ.
وَيُسَنُّ نَفْضُ فَرْشٍ احْتَمَلَ حُدُوثَ مُؤْذٍ عَلَيْهِ لِلْأَمْرِ بِهِ «وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ الْحَبَرَةَ» وَهِيَ ثَوْبٌ مُخَطَّطٌ بَلْ صَحَّ أَنَّهَا أَحَبُّ الثِّيَابِ إلَيْهِ «وَقَالَ فِي ثَوْبٍ خَيْطُهُ أَحْمَرُ خَلَعَهُ وَأَعْطَاهُ لِغَيْرِهِ خَشِيتُ أَنْ أَنْظُرَ إلَيْهَا فَتَفْتِنَنِي عَنْ صَلَاتِي» وَبَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ مَعَ كَوْنِ الْمُقَرَّرِ عِنْدَنَا كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ فِي الْمُخَطَّطِ أَوْ إلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ،.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهَا أَحْبِيَةٌ خَاصَّةٌ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ جَمْعًا بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَالْأَفْضَلُ فِي الْقَمِيصِ كَوْنُهُ مِنْ قُطْنٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ سَائِرُ أَنْوَاعِ اللِّبَاسِ كَالْعِمَامَةِ وَالطَّيْلَسَانِ وَالرِّدَاءِ وَالْإِزَارِ وَغَيْرِهَا، وَيَلِيهِ الصُّوفُ لِحَدِيثٍ فِي الْأَوَّلِ وَحَدِيثَيْنِ فِي الثَّانِي، لَكِنَّ ذَاكَ أَقْوَى مِنْ هَذَيْنِ، وَكَوْنُهُ قَصِيرًا بِأَنْ لَا يَتَجَاوَزَ الْكَعْبَ، وَكَوْنُهُ إلَى نِصْفِ السَّاقِ أَفْضَلُ، وَتَقْصِيرُ الْكُمَّيْنِ بِأَنْ يَكُونَ إلَى الرُّسْغِ لِلِاتِّبَاعِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ كَكُلِّ مَا زَادَ عَلَى مَا قَدَّرُوهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ حَرُمَ بَلْ فَسَقَ، وَإِلَّا كُرِهَ إلَّا لِعُذْرٍ كَأَنْ تَمَيَّزَ الْعُلَمَاءُ بِشِعَارٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَلَبِسَهُ لِيُعْرَفَ فَيُسْأَلَ أَوْ لِيُمْتَثَلَ كَلَامُهُ، بَلْ لَوْ تَوَقَّفَتْ إزَالَةُ مُحَرَّمٍ أَوْ فِعْلُ وَاجِبٍ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ، وَأَطْلَقُوا أَنَّ تَوْسِعَةَ الْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَمَحَلُّهُ فِي الْفَاحِشَةِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: حُدُوثَ مُؤْذٍ) أَيْ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ.
(قَوْلُهُ: فِي ثَوْبٍ) أَيْ فِي شَأْنِهِ.
(قَوْلُهُ: خَلَعَهُ) صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِثَوْبٍ أَوْ حَالٌ مِنْهُ (وَقَوْلُهُ: خَشِيتُ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ.
(قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُمَا) أَيْ الْحَدِيثَيْنِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمُخَطَّطِ أَوْ إلَيْهِ أَوْ عَلَيْهِ) أَيْ لَابِسًا لَهُ أَوْ مُتَوَجِّهًا إلَيْهِ أَوْ وَاقِفًا عَلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِالِافْتِتَانِ تَقْيِيدُ الْمُخَطَّطِ بِالظُّهُورِ بِحَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهِ النَّظَرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا غَطَّاهُ بِمَا يَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إلَيْهِ كَأَنْ لَبِسَ فَوْقَهُ غَيْرَهُ فَلَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ إلَى خُطُوطِ هَذَا الثَّوْبِ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ) لَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَلَوْ حُمِلَ الْحَدِيثُ الثَّانِي عَلَى ذِي خُطُوطٍ غَرِيبَةٍ مِنْ شَأْنِهَا إشْغَالُ الْخَاطِرِ لَمْ يَبْعُدْ، فَإِنَّهُ مِنْ الْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا) أَيْ أَحْبِيَةَ الْحَبَرَةِ.
(قَوْلُهُ: ذَاكَ) أَيْ حَدِيثُ الْقُطْنِ.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ لَوْ تَوَقَّفَتْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ فَسَقَ.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ إلَخْ) أَيْ الْقَمِيصِ أَيْ وَنَحْوِهِ لِلرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَيَجُوزُ لَهَا إرْسَالُ الثَّوْبِ عَلَى الْأَرْضِ إلَى ذِرَاعٍ وَيُكْرَهُ لَهَا الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَابْتِدَاءُ الذِّرَاعِ مِنْ الْكَعْبَيْنِ عَلَى الْأَقْرَبِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَنِهَايَةٌ وَإِمْدَادٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ مِنْ الْحَدِّ الْمُسْتَحَبِّ لِلرِّجَالِ وَهُوَ أَنْصَافُ السَّاقَيْنِ، قَالَ الْكُرْدِيُّ عَلَى بَافَضْلٍ وَجَزَمَ بِهِ الشَّارِحِ فِي النَّفَقَاتِ مِنْ التُّحْفَةِ وَاسْتَوْجَهَهُ فِي الْإِيعَابِ وَنَقَلَهُ فِيهِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَلَبِسَهُ لِيُعْرَفَ إلَخْ) أَيْ فَيُنْدَبُ لَهُمْ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِمْ التَّشَبُّهَ بِهِمْ فِيهِ لِيَلْحَقُوا بِهِمْ ع ش وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقُوا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ بَافَضْلٍ وَإِفْرَاطُ تَوْسِعَةِ الثِّيَابِ وَالْأَكْمَامِ بِدْعَةٌ وَسَرَفٌ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ، نَعَمْ مَا صَارَ شِعَارًا لِلْعُلَمَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ لُبْسُهُ لِيُعْرَفُوا بِذَلِكَ فَيُسْأَلُوا إلَخْ، وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ لُبْسًا وَيَسَارِهِ خَلْعًا وَأَنْ يَخْلَعَ نَحْوَ نَعْلَيْهِ إذَا جَلَسَ وَأَنْ يَجْعَلَهُمَا وَرَاءَهُ أَوْ بِجَنْبِهِ إلَّا لِعُذْرٍ وَأَنْ يَطْوِيَ ثِيَابَهُ ذَاكِرًا اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا لَبِسَهَا الشَّيْطَانُ كَمَا وَرَدَ. اهـ. زَادَ الْأَوَّلَانِ وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَخُفٍّ وَلَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ النَّشَاءِ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ الْقَمْحِ فِي الثَّوْبِ وَالْأَوْلَى تَرْكُهُ وَتَرْكُ دَقِّ الثِّيَابِ وَصَقْلِهَا. اهـ. وَزَادَ شَيْخُنَا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَيْ الدَّقُّ وَالصَّقْلُ مِمَّنْ يُرِيدُ الْبَيْعَ كَانَ مِنْ الْغِشِّ الْمُحَرَّمِ فَيَجِبُ إعْلَامُ الْمُشْتَرِي بِهِ. اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَتَضْيِيعٌ لِلْمَالِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ مَكْرُوهٌ إلَّا عِنْدَ قَصْدِ الْخُيَلَاءِ، وَقَوْلُهُ: وَيُسَنُّ أَنْ يَبْدَأَ بِيَمِينِهِ إلَخْ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ يَسَارَهُ خُرُوجًا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ نَعْلِ الْيَسَارِ مَثَلًا ثُمَّ يَخْرُجَ بِالْيَمِينِ فَيَلْبَسَ نَعْلَهَا ثُمَّ يَلْبَسَ نَعْلَ الْيَسَارِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ سُنَّةِ الِابْتِدَاءِ بِلُبْسِ الْيَمِينِ وَالْخُرُوجِ بِالْيَسَارِ، وَقَوْلُ م ر وَأَنْ يَطْوِيَ ثِيَابَهُ ذَاكِرًا إلَخْ أَيْ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالطَّيِّ لَفُّهَا عَلَى هَيْئَةٍ غَيْرِ الْهَيْئَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا عِنْدَ إرَادَةِ اللُّبْسِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَخْ أَيْ وَلَوْ دَخَلَ فِي الْمَسْجِدِ فَيُخْرِجُ يَسَارَهُ مِنْ نَعْلِهَا وَيَضَعَهَا عَلَى ظَهْرِ نَعْلِهَا ثُمَّ يُخْرِجُ يَمِينَهُ مِنْ نَعْلِهَا وَيَضَعُهَا فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَضَعُ الْيَسَارَ فِيهِ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ بِخَلْعِ الْيَسَارِ وَالدُّخُولِ بِالْيَمِينِ. اهـ. ع ش.
وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ لُبْسُ ضَيِّقِ الْكُمَّيْنِ حَضَرًا وَسَفَرًا لِلِاتِّبَاعِ وَزَعْمُ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْغَزْوِ مَمْنُوعٌ، نَعَمْ إنْ أُرِيدَ أَنَّهُ فِيهِ سُنَّةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَبْعُدْ، وَتُسَنُّ الْعِمَامَةُ لِلصَّلَاةِ وَلِقَصْدِ التَّجَمُّلِ لِلْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ فِيهَا وَاشْتِدَادُ ضَعْفِ كَثِيرٍ مِنْهَا يَجْبُرُهُ كَثْرَةُ طُرُقِهَا وَزَعَمُ وَضْعِ كَثِيرٍ مِنْهَا تَسَاهُلٌ كَمَا هُوَ عَادَةُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ هُنَا وَالْحَاكِمِ فِي التَّصْحِيحِ أَلَا تَرَى إلَى حَدِيثِ: «اعْتَمُّوا تَزْدَادُوا حِلْمًا» حَيْثُ حَكَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِوَضْعِهِ وَالْحَاكِمُ بِصِحَّتِهِ اسْتِرْوَاحًا مِنْهُمَا عَلَى عَادَتِهِمَا، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِكَوْنِهَا عَلَى الرَّأْسِ أَوْ نَحْوِ قَلَنْسُوَةٍ تَحْتَهَا، وَفِي حَدِيثٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ كِبَرِهَا لَكِنَّهُ شَدِيدُ الضَّعْفِ وَهُوَ وَحْدُهُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَلَا فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ وَيَنْبَغِي ضَبْطُ طُولِهَا وَعَرْضِهَا بِمَا يَلِيقُ بِلَابِسِهَا عَادَةً فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ، فَإِنْ زَادَ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ كُرِهَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ كَرَاهَةَ كِبَرِهَا وَتَتَقَيَّدُ كَيْفِيَّتُهَا بِعَادَتِهِ أَيْضًا وَمِنْ ثَمَّ انْخَرَمَتْ مُرُوءَةُ فَقِيهٍ يَلْبَسُ عِمَامَةَ سُوقَى لَا تَلِيقُ بِهِ وَعَكْسُهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّ خَرْمَهَا مَكْرُوهٌ بَلْ حَرَامٌ عَلَى مَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ حِينَئِذٍ إبْطَالًا لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَلَوْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ مَحَلٍّ بِإِزْرَائِهَا مِنْ أَصْلِهَا لَمْ تَنْخَرِمْ بِهَا الْمُرُوءَةُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَيَأْتِي فِي الطَّيْلَسَانِ خِلَافُ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ نَدْبَهَا عَامٌّ فِي أَصْلِ وَضْعِهَا فَلَمْ يُنْظَرْ لِعُرْفٍ يُخَالِفُهُ، فَإِنَّ أَصْلَ وَضْعِهِ لِلرُّؤَسَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَفِي حَدِيثَيْنِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ نَدْبِهَا مِنْ أَصْلِهَا لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ لَا أَصْلَ لَهُمَا، وَالْأَفْضَلُ فِي لَوْنِهَا الْبَيَاضُ وَصِحَّةُ «لُبْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ وَنُزُولُ أَكْثَرِ الْمَلَائِكَةِ يَوْمَ بَدْرٍ بِعَمَائِمَ صُفُرٍ» وَقَائِعُ مُحْتَمَلَةٌ فَلَا تُنَافِي عُمُومَ الْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْآمِرِ بِلُبْسِ الْبَيَاضِ وَأَنَّهُ خَيْرُ الْأَلْوَانِ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ اللَّاطِئَةِ بِالرَّأْسِ وَالْمُرْتَفِعَةِ الْمُضْرِبَةِ وَغَيْرِهَا تَحْتَ الْعِمَامَةِ وَبِلَا عِمَامَةٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِقَوْلِ الرَّاوِي وَبِلَا عِمَامَةٍ قَدْ يَتَأَيَّدُ بَعْضُ مَا اعْتَادَهُ بَعْضُ أَهْلِ النَّوَاحِي مِنْ تَرْكِ الْعِمَامَةِ مِنْ أَصْلِهَا وَتَمَيُّزِ عُلَمَائِهِمْ بِطَيْلَسَانٍ عَلَى قَلَنْسُوَةٍ بَيْضَاءَ لَاصِقَةٍ بِالرَّأْسِ، لَكِنْ بِتَسْلِيمِ ذَلِكَ الْأَفْضَلُ مَا عَلَيْهِ مَا عَدَا هَؤُلَاءِ مِنْ النَّاسِ مِنْ لُبْسِ الْعِمَامَةِ بِعَذَبَتِهَا وَرِعَايَةِ قَدْرِهَا وَكَيْفِيَّتِهَا السَّابِقَيْنِ، وَلَا يُسَنُّ تَحْنِيكُ الْعِمَامَةِ عِنْدَنَا وَاخْتَارَ بَعْضُ حُفَّاظٍ هُنَا مَا عَلَيْهِ كَثِيرُونَ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُسَنُّ وَهُوَ تَحْزِيقُ الرَّقَبَةِ وَمَا تَحْتَ الْحَنَكِ وَاللِّحْيَةِ بِبَعْضِ الْعِمَامَةِ وَقَدْ أَجَبْت فِي الْأَصْلِ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أُولَئِكَ وَأَطَالُوا فِيهِ وَجَاءَ فِي الْعَذَبَةِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا صَحِيحٌ وَمِنْهَا حَسَنٌ نَاصَّةٌ عَلَى فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا لِنَفْسِهِ وَلِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَلَى أَمْرِهِ بِهَا وَلِأَجْلِ هَذَا تَعَيَّنَ تَأْوِيلُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَمَنْ تَعَمَّمَ فَلَهُ فِعْلُ الْعَذَبَةِ وَتَرْكُهَا وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا، زَادَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ الْعَذَبَةِ شَيْءٌ انْتَهَى، بِأَنَّ الْمُرَادَ بِلَهُ فِعْلُ الْعَذَبَةِ، الْجَوَازُ الشَّامِلُ لِلنَّدْبِ، وَتَرْكُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا أَوْ عَدَمِ تَأَكُّدِ نَدْبِهَا، وَقَدْ اسْتَدَلُّوا بِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ تَارَةً وَإِلَى الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ أُخْرَى عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ وَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُمْ بِأَنَّ أَصْلَهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ السُّنِّيَّةَ فِي إرْسَالِهَا إذَا أُخِذَتْ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ فَأَوْلَى أَنْ تُؤْخَذَ سُنِّيَّةُ أَصْلِهَا مِنْ فِعْلِهِ لَهَا وَأَمْرُهُ بِهَا مُتَكَرِّرًا، ثُمَّ إرْسَالُهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ أَفْضَلُ مِنْهُ عَلَى الْأَيْمَنِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الْأَوَّلِ أَصَحُّ، وَأَمَّا إرْسَالُ الصُّوفِيَّةِ لَهَا عَلَى الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِكَوْنِهِ جَانِبَ الْقَلْبِ فَتُذَكِّرُ تَفْرِيغَهُ مِمَّا سِوَى رَبِّهِ فَهُوَ شَيْءٌ اسْتَحْسَنُوهُ وَالظَّنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغْهُمْ فِي ذَلِكَ سُنَّةٌ فَكَانُوا مَعْذُورِينَ، وَأَمَّا بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْهُمْ السُّنَّةُ فَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِي مُخَالَفَتِهَا وَكَانَ حِكْمَةُ نَدْبِهَا مَا فِيهَا مِنْ الْجَمَالِ وَتَحْسِينِ الْهَيْئَةِ، وَأَبْدَى بَعْضُ مُجَسِّمِي الْحَنَابِلَةِ لِجَعْلِهَا بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ حِكْمَةً تَلِيقُ بِمُعْتَقَدِهِ الْبَاطِلِ فَاحْذَرْهُ، وَوَقَعَ لِصَاحِبِ الْقَامُوسِ هُنَا مَا رَدُّوهُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ لَمْ يُفَارِقْهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطُّ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُهَا أَحْيَانًا، وَكَقَوْلِهِ طَوِيلَةً، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ فِيهَا طُولًا نِسْبِيًّا حَتَّى أُرْسِلَتْ بَيْنَ الْكَتِفَيْنِ فَوَاضِحٌ أَوْ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ أَقَلُّ مَا وَرَدَ فِي طُولِهَا أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَأَكْثَرُ مَا وَرَدَ ذِرَاعٌ وَبَيْنَهُمَا شِبْرٌ انْتَهَى، وَمَرَّ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُرْمَةُ إفْحَاشِ طُولِهَا بِقَصْدِ الْخُيَلَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ كُرِهَ وَذِكْرُهُمْ الْإِفْحَاشَ بَلْ وَالطُّولَ بَلْ هِيَ مِنْ أَصْلِهَا تَمْثِيلٌ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ أَنَّ سَبَبَ الْإِثْمِ إنَّمَا هُوَ قَصْدُ نَحْوِ الْخُيَلَاءِ، فَإِذَا وُجِدَ التَّصْمِيمُ عَلَى فِعْلِهَا لِهَذَا الْغَرَضِ أَثِمَ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ صَمَّمَ عَلَى فِعْلِهَا وَفِي حَدِيثٍ حَسَنٍ «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا ذَا شُهْرَةٍ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا» أَيْ مَنْ لَبِسَهُ بِقَصْدِ الشُّهْرَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِقَصْدِ نَحْوِ الْخُيَلَاءِ لِخَبَرِ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا يُبَاهِي بِهِ النَّاسَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ حَتَّى يَرْفَعَهُ»، وَلَوْ خَشِيَ مَنْ إرْسَالِهَا نَحْوَ خُيَلَاءَ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَرْكِهَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بَلْ يَفْعَلُهَا وَبِمُجَاهَدَةِ نَفْسِهِ فِي إزَالَةِ نَحْوِ الْخُيَلَاءِ مِنْهَا، فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَضُرَّ حِينَئِذٍ خُطُورُ نَحْوِ رِيَاءٍ؛ لِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ عَلَيْهِ فَلَا يُكَلَّفُ بِهِ كَسَائِرِ الْوَسَاوِسِ الْقَهْرِيَّةِ، غَايَةُ مَا يُكَلَّفُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَرْسِلُ مَعَ نَفْسِهِ فِيهَا بَلْ يَشْتَغِلُ بِغَيْرِهَا ثُمَّ لَا يَضُرُّهُ مَا طَرَأَ قَهْرًا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَخَشْيَةَ إيهَامِهِ النَّاسَ صَلَاحًا أَوْ عِلْمًا خَلَا عَنْهُ بِإِرْسَالِهَا لَا يُوجِبُ تَرْكَهَا أَيْضًا بَلْ يَفْعَلُهَا وَيُؤْمَرُ بِمُعَالَجَةِ نَفْسِهِ كَمَا ذُكِرَ، وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِ الصَّالِحِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ إنْ غَرَّبِهِ غَيْرَهُ حَتَّى يَظُنَّ صَلَاحَهُ فَيُعْطِيَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَدَ هَذَا التَّغْرِيرَ، وَأَمَّا حُرْمَةُ الْقَبُولِ فَهُوَ مِنْ الْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ كُلَّ مَنْ أُعْطِيَ شَيْئًا لِصِفَةٍ ظُنَّتْ بِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ قَبُولُهُ وَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا إنْ كَانَ بَاطِنًا كَذَلِكَ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لِغَيْرِ الصَّالِحِ التَّزَيِّي بِزِيِّهِ مَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً أَيْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِأَنْ تَخَيَّلَ لَهَا أَوْ لَهُ صَلَاحَهَا وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَثُرَ كَلَامُ الْعُلَمَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ فِي الطَّيْلَسَانِ وَقَدْ لَخَّصْت الْمُهِمَّ مِنْهُ فِي الْمُؤَلَّفِ السَّابِقِ ذِكْرُهُ وَأَرَدْت هُنَا أَنْ أُلَخِّصَ الْمُهِمَّ مِنْ هَذَا الْمُلَخَّصِ بِأَوْجَزِ عِبَارَةٍ، فَقُلْت هُوَ قِسْمَانِ مُحَنَّكٌ وَهُوَ ثَوْبٌ طَوِيلٌ عَرِيضٌ قَرِيبٌ مِنْ طُولِ وَعَرْضِ الرِّدَاءِ عَلَى مَا مَرَّ مُرَبَّعٌ يُجْعَلُ عَلَى الرَّأْسِ فَوْقَ نَحْوِ عِمَامَةٍ وَيُغَطَّى بِهِ أَكْثَرُ الْوَجْهِ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُحَقِّقُونَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْأَكْمَلِ فِيهِ وَيُحْذَرُ مِنْ تَغْطِيَتِهِ الْفَمَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ثُمَّ يُدَارُ طَرَفُهُ وَالْأَوْلَى الْيَمِينُ كَمَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِيهِ مِنْ تَحْتِ الْحَنَكِ إلَى أَنْ يُحِيطَ بِالرَّقَبَةِ جَمِيعِهَا ثُمَّ يُلْقَى طَرَفَاهُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُقَالُ فِي تَعْرِيفِهِ لَا مَا قِيلَ فِيهِ مِمَّا بَعْضُهُ غَيْرُ جَامِعٍ وَبَعْضُهُ غَيْرُ مَانِعٍ، وَبَيَّنْت فِي الْأَصْلِ كَيْفِيَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ يُقَارِبَانِ هَذِهِ وَقَدْ يُلْحَقَانِ بِهَا فِي تَحْصِيلِ أَصْلِ السُّنَّةِ وَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى الرِّدَاءِ الَّذِي هُوَ حَقِيقَةً مُخْتَصٌّ بِمَا يُجْعَلُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ، وَمِنْهُ قَوْلُ كَثِيرِينَ مِنْ السَّلَفِ لِلْمُحْرِمِ لُبْسُ طَيْلَسَانٍ لَمْ يَزُرَّهُ عَلَيْهِ وَمُقَوَّرٌ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْأَوَّلَ فَيَشْمَلُ الْمُدَوَّرَ وَالْمُثَلَّثَ الْآتِيَيْنِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَالْمُرَبَّعَ وَالْمَسْدُولَ وَهُوَ مَا يُرْخَى طَرَفَاهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَضُمَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَوْ بِيَدِهِ وَمِنْهُ الطَّرْحَةُ الَّتِي كَانَتْ مُعْتَادَةً لِقَاضِي الْقُضَاةِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُخْتَصَّةِ بِهِ وَفَعَلَهَا أَجِلَّاءٌ مِنْ مُنْذُ مِئَاتٍ مِنْ السِّنِينَ وَهُوَ عَجِيبٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ مَكْرُوهَةٌ لِكَوْنِهَا مِنْ شِعَارِ الْيَهُودِ وَلِأَنَّ فِيهَا السَّدْلَ الْمَكْرُوهَ بِكَيْفِيَّتَيْهَا الْمَذْكُورَتَيْنِ فِي الْأَصْلِ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْمُقَوَّرَةِ وَوَجْهِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ وَبَيَانِ مَا أُلْحِقَ بِهِ وَأَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ الْآنَ، نَعَمْ يَقْرَبُ مِنْ شَكْلِهِ خِرْقَةُ الْمُتَصَوِّفَةِ الَّتِي يَجْعَلُونَهَا تَحْتَ عَمَائِمِهِمْ وَأَحَدُ قِسْمَيْ الطَّرْحَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى هَيْئَةِ السَّدْلِ بِأَنْ يُلْقِيَ طَرَفَيْ نَحْوِ رِدَائِهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَا يَرُدَّهُمَا عَلَى الْكَتِفَيْنِ وَلَا يَضُمَّهُمَا بِيَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا مَكْرُوهٌ.